يعد جاك ما المؤسس الكاريزمي لمجموعة علي بابا أحد أبرز الشخصيات في عالم الأعمال، حيث ترك بصمة لا تُمحى في الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية على مستوى العالم.
قصة صعوده من بدايات متواضعة إلى تأسيس واحدة من أكبر شركات التجارة الإلكترونية ليست مجرد رحلة عمل، بل هي درس في الصمود والمرونة الريادية في مواجهة الفشل والتحديات.
البدايات
وُلد جاك ما في 10 سبتمبر/أيلول 1964 بمقاطعة تشجيانغ في الصين.
منذ طفولته، كان لديه شغف كبير بتعلم اللغة الإنجليزية، حيث كان يحرص على التحية والتحدث مع الأجانب لتطوير مهاراته اللغوية.
كما اشترى راديو صغيرًا بماله الخاص للاستماع إلى البرامج الإنجليزية بانتظام.
لم يكن جاك ما متفوقًا أكاديميًا، إذ فشل مرتين في امتحان القبول بالجامعة الصينية، قبل أن يلتحق بمعهد هانغتشو للمعلمين لدراسة اللغة الإنجليزية.
خلال دراسته، عمل كمرشد سياحي غير مدفوع الأجر، ما أتاح له فرصة صقل مهاراته مع السياح الأجانب.
وخلال تلك الفترة أصبح مراسلاً صديقًا لابن رجل أسترالي يدعى كين مورلي، حيث زار عائلته في أستراليا لمدة 29 يومًا، وهي تجربة شكلت نقطة تحول مهمة في حياته.
بعد تخرجه، أصبح جاك ما مدرسًا للغة الإنجليزية في جامعة هانغتشو ديانزي، لكنه لم يتوقف عند ذلك، بل بدأ في البحث عن فرص عمل متنوعة، لكنه تعرض للرفض مرات عديدة، حتى من شركات كبرى مثل (كيه إف سي) KFC.
رحلة “علي بابا”
التعرف على الإنترنت خلال زيارته للولايات المتحدة في عام 1995 كان نقطة تحول كبيرة.
أدرك جاك ما الفرص الهائلة للأعمال القائمة على الإنترنت في الصين، فأسس شركته (تشاينا بايدجس) China Pages لتوفير منصة لإدراج الشركات الصينية على الإنترنت.
وبالرغم من أن الشركة حققت أرباحًا وصلت إلى حوالي 50 مليون يوان، إلا أنها فشلت لاحقًا بسبب محدودية البنية التحتية وقيود الإنترنت في الصين.
استفاد جاك ما من هذه التجربة وأسس علي بابا كمنصة تجارة بين الشركات (B2B) في منزله بمساعدة 17 صديقًا، مستثمرًا نحو 60 ألف دولار أمريكي.
كان الهدف توفير مساحة رقمية للشركات الصغيرة في الصين للتواصل مع المشترين الدوليين.
منافسة شديدة
واجهت علي بابا منافسة شديدة من قسم إي باي (eBay ) في الصين، غير أن تركيز جاك ما على تقديم خدمات مجانية للشركات الصغيرة ساعده في جذب استثمارات بقيمة 25 مليون دولار من غولدمان ساكس وسوفت بنك.
ثم أطلق عدة وحدات جديدة مثل تاوباو ( Taobao ) في 2003، وعلي باي AliPay في 2004، وعلي بابا كلاود (Alibaba Cloud ) في 2009، وتي مول (Tmall ) في 2008.
وقد رفض جاك ما عرض شراء تاوباو من إي باي رغم نجاحه الكبير.
شهدت الشركة طفرة تاريخية مع الاكتتاب العام الأولي في بورصة نيويورك عام 2014 بقيمة 25 مليار دولار.
في 2018، قرر جاك ما التخلي عن إدارة المجموعة، مع الإشارة إلى تحديات مثل النزاعات التنظيمية بين الولايات المتحدة والصين وتأجيل الاكتتاب العام لشركة آنت غروب ( Ant Group)، والتي كان من المتوقع أن تبلغ قيمته 37 مليار دولار عام 2020، بعد تعرضه لانتقادات من الحكومة الصينية.
حياة جاك ما الحالية
تسبب التدقيق التنظيمي في توقف نشاطه العلني لفترة، قبل أن يعود للظهور مجددًا في 2021، ويبدأ في 2022 بالعيش في طوكيو مع التركيز على أعماله الخيرية. حصل جاك ما على عدة جوائز، منها لقب أفضل 10 شخصيات اقتصادية في عام 2004، وضمن قائمة 25 من أقوى رجال الأعمال في آسيا من مجلة فورتشن في 2005.
ويصل صافي ثروته الحالية (أكتوبر 2025) إلى حوالي 31 مليار دولار أمريكي، لتظل قصة جاك ما رمزًا ملهمًا للصمود والطموح والريادة في عالم الأعمال الرقمية.
المصدر: برايم إنسايت