منذ بداية الولاية الثانية للرئيس الأمريكي “ترامب” هذا العام وهو يركز على التعريفات الجمركية ليس فقط كوسيلة لتحقيق أجندته الاقتصادية، بل كحجر زاوية لسياسته الخارجية، لكنه يصطدم الآن بالمواجهة الأكبر، إذ تتوجه إدارته إلى المحكمة العليا غدًا في مواجهة الشركات الصغيرة ومجموعة من الولايات التي تصر على أن أغلب تلك الرسوم غير قانونية ويجب إلغاؤها.
ما أساس القضية؟
تنظر القضية فيما إذا كان “ترامب” يتمتع بالسلطة القانونية لفرض التعريفات الجمركية استنادًا لقانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية لعام 1977، والذي استخدمه الرئيس في فبراير لفرض تعريفات على واردات الصين والمكسيك وكندا، ومرة أخرى في أبريل عندما فرض التعريفات الشاملة على أغلب دول العالم، مشيرًا إلى أن العجز التجاري الأمريكي يشكل تهديدًا استثنائيًا.
سلطات رئاسية
يعد “ترامب” أول رئيس يلجأ لهذا القانون لفرض تعريفات جمركية، لأنه غالبًا ما يستخدم لفرض عقوبات اقتصادية، إذ يمنح القانون الرئيس سلطة واسعة النطاق لتنظيم المعاملات الاقتصادية عند إعلان حالة طوارئ وطنية، لكن يرى المعارضون أن القانون لا يذكر التعريفات، وطعنوا فيما إذا كانت الأسباب التي ذكرها البيت الأبيض وخاصة العجز التجاري تمثل حالات طوارئ.
متى سيصدر القرار؟
بالفعل أصدرت ثلاث محاكم فيدرالية أدنى أحكام ضد استخدام “ترامب” لقانون طوارئ عمره 50 عامًا لفرض تعريفات واسعة النطاق، لكن بعدما تستمع المحكمة العليا إلى المرافعات الأربعاء سيكون أمامها مهلة حتى يونيو لإصدار قرارها، الذي سيأتي بعد أشهر من دراسة الحجج ومناقشة حيثيات القضية وفي النهاية سيتم التصويت على القرار، الذي من المتوقع صدوره بحلول يناير.

المعركة الأكبر
في حال أيدت المحكمة عدم قانونية أغلب التعريفات، فإنها ستقدم أكبر ضربة لاستراتيجية “ترامب” التجارية، وقد تضطر الحكومة لرد بعض من مليارات الدولارات التي جمعتها من الرسوم الجمركية، وحذر الرئيس من أن خسارة القضية ستقيده في مفاوضات التجارة وتعرض الأمن القومي للخطر.
ترامب يحذر
أعرب الرئيس بشكل متزايد عن قلقه من القرار المرتقب في القضية التي وصفها بأنها إحدى أهم القضايا في تاريخ الولايات المتحدة، وأعلن أنه لن يحضر جلسة الاستماع رغبة في عدم تشتيت الانتباه، لكنه حذر من أن خسارة القضية ستقيده في مفاوضات التجارة وتعرض الأمن القومي للخطر، بعدما صرح في السابق أنه إذا لم يربح القضية ستضعف قدرات الولايات المتحدة وستعاني فوضى مالية لسنوات عديدة قادمة.

إلى أي مدى تمتد السلطة الرئاسية؟
أوضح “كوش ديساي” المتحدث باسم البيت الأبيض أن “ترامب” تصرف بشكل قانوني باستخدام الصلاحيات الممنوحة له لحماية الأمن القومي والاقتصاد، لكن صرحت “كارولين ليفيت” السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض بأن فريق الرئيس التجاري يعمل على وضع خطط طوارئ في حال صدور حكم من المحكمة العليا ضد الإدارة.
ماذا لو جاء قرار المحكمة العليا ضد تعريفات “ترامب”؟  | |
التداعيات  | التوضيح  | 
رد التعريفات  | أشار محللو “ويلز فارجو” إلى أنه أيًا كان قرار المحكمة، فسيكون له تداعيات على تعريفات مدفوعة بالفعل تقدر قيمتها بحوالي 90 مليار دولار، أي نصف عائدات الرسوم الجمركية التي جمعتها البلاد خلال العام الحالي حتى سبتمبر. بينما حذر “ترامب” من أن هذا الرقم قد يصل إلى تريليون دولار في حال انتظرت المحكمة حتى يونيو، لأنه ستضطر الشركات حينها للاستمرار في دفع الرسوم وبالتالي ستستمر المبالغ المستردة المحتملة في النمو.  | 
ما مصير الاتفاقات التجارية؟  | ذكر “ديف تاونسند” الشريك بمجموعة “دورسي أند ويتني” Dorsey Whitney للتجارة الدولية أن القانون كان الأساس الذي اعتمدته الدول للتوصل لاتفاقات مع أمريكا، لكن إذا لم يعد الأمر غير قانوني فقد يسعى الشركاء التجاريون لمحاولة العودة إلى طاولة المفاوضات مع “ترامب” للتوصل لبنود أفضل، وقد تفرض بعض الدول تعريفات انتقامية على وارداتها من أمريكا إلى حين تقليص الرسوم. وترى “سابين وياند” كبيرة مسؤولي التجارة بالاتحاد الأوروبي أن حتى إدانة المحكمة العليا أو صدور حكم بعدم قانونية هذه التعريفات المتبادلة لا يعني بالضرورة سقوطها وأن هناك أسساً قانونية أخرى متاحة.  | 
هل يقضي القرار على أسلحة ترامب؟  | لكن حتى لو ألغت المحكمة العليا رسوم “ترامب”، سيكون لديه خيارات قانونية أخرى لفرض رسوم مماثلة، إذ يرى معهد “كاتو” Cato أن الرئيس قد يتمكن من استخدام سلطات أخرى لإعادة فرض التعريفات بما يشمل المادة 122 من قانون التجارة لعام 1974، الذي يمكن أن يمكنه من فرض تعريفات على الواردات العالمية بنسبة 15% لمدة تصل إلى 150 يومًا. كما يمكنه إطلاق تحقيقات إضافية بشأن القطاعات بموجب المادة 232 من قانون توسيع التجارة لعام 1962، والذي يسمح بتقييد الوارادات التي تشكل تهديدًا للأمن القومي، وهو إجراء استخدمه “ترامب” في ولايته الأولى والثانية لفرض رسوم جمركية على الألمنيوم والسيارات والنحاس والأخشاب وغيرها.  | 
الخلاصة
يترقب العالم قرار المحكمة العليا الذي يشكل مخاطر بالنسبة للعديد من الشركات في الولايات المتحدة وخارجها، والتي تدفع ثمن سياسات “ترامب” المتغيرة، كما تراقب الأسواق مخاطر اضطرار الإدارة الأمريكية لرد مليارات الدولارات من حصيلة التعريفات الجمركية التي جمعتها، وربما تسبب حالة من الارتباك وموجة بيع قصيرة المدى في سوق الأسهم بسبب عدم اليقين.
المصادر: أرقام – بوليتيكو – بي بي سي – ماركت ووتش – رويترز – فورتشن

