صور هزت العالم
وفي خضم هذه التحركات السياسية، تبرز من جديد قصة واحدة من أكثر الملفات حساسية في تاريخ الصراع السوري: الصور التي قادت إلى فرض عقوبات على النظام، وساعدت آلاف العائلات في معرفة مصير أبنائها.
ويعد أسامة عثمان، اليوم في التاسعة والخمسين من العمر، أحد الذين خاطروا بحياتهم من أجل توثيق ما جرى خلف أسوار السجون. كان ينتظر صهره عند خطوط المواجهة لتهريب وثائق وصور سرية من أرشيف النظام، مدركًا أن اكتشافها قد يعني القتل. وما جمعه كان أرشيفًا ضخمًا من صور التعذيب والقتل خارج نطاق القانون، أدلة موثقة على الانتهاكات التي مورست لإبقاء بشار الأسد في السلطة.
صدمت الصور العالم حين ظهرت للمرة الأولى عام 2014، وأدت إلى فرض عقوبات أمريكية واستخدامها في قضايا ضد مشتبهين بارتكاب جرائم حرب. لكن خلف كل صورة قصة عائلة تنتظر جوابًا.
وفي مقابله قام بها ذكر عثمان أن «مئات الآلاف من الأمهات» لا زلن يبحثن عن حقيقة اختفاء أبنائهن. وفي إحدى أكثر اللحظات قسوة، روى كيف أرسل لامرأة صور جثة ابنها المعذّب، لترد عليه بذهول: تأكدت وفاته.
من دمشق إلى المنفى
وبدأت العملية عام 2011، بعد أن كشف فريد المزهر، الضابط في الشرطة العسكرية وشقيق زوجة عثمان، صورًا من الطب الشرعي العسكري. كان قادرًا على عبور حواجز النظام والمناطق التي يسيطر عليها المتمردون، وهرب أقراصًا صلبة ووحدات تخزين إلى عثمان وزوجته خولة المزهر. تبنى الجميع أسماء سرية، وأطلق على الملف لاحقًا اسم «ملفات قيصر».
وأخرج أكثر من 53 ألف صورة من سوريا، ثم نقلت البيانات إلى خادم خارجي، قبل أن يفر الفريق نحو فرنسا عبر دول مجاورة. وعقب نشر الصور، بادرت عائلات سورية للبحث بين الوجوه والضحايا، فيما فتحت محاكم أوروبية قضايا أدت إلى توقيف مسؤولين سوريين سابقين في عدة دول.

