في مايو 2016، وصل “تيم كوك” إلى مقر الحزب الشيوعي في الصين للتوصل لاتفاق مع الحكومة، في حين كان “ترامب” لا يزال يترشح لرئاسة أمريكا ويخوض حملة انتخابية مناهضة للصين، لكن أقنعت “آبل” بكين بالتزامها تجاهها وأنها تخطط لإنفاق 275 مليار دولار بها على مدى السنوات الخمس المقبلة.
استثمار يفوق خطة مارشال
هذه الرواية ذكرها “باتريك ماكجي” الصحفي لدى “فاينانشال تايمز” في كتابه “آبل في الصين، استقطاب أكبر شركات العالم”، وأشار إلى رقم 275 مليار دولار، موضحًا أن خطة “مارشال” –استثمار أمريكا في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية – كانت تعادل نصف ذلك المبلغ تقريبًا بعد تعديلها وفقًا للتضخم.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
دعم هائل
أوضح “ماكجي” أن “آبل” من خلال إنفاقها موارد باهظة في الصين وتدريب العمالة سهلت نقلاً هائلاً للمعرفة، زاعمًا أن صانعة الآيفون ربما تكون أكبر داعم لخطة الرئيس الصيني “شي جين بيغ” للتصنيع المحلي بهدف الانفصال عن الغرب والتحول لقوة تكنولوجية عظمى عالمية، لكن رفضت “آبل” تلك المزاعم الواردة في الكتاب ووصفته بالملىء بالمغالطات.
بداية القصة
في 1997، كانت “آبل” على وشك الإفلاس بسبب صعوبات في المنافسة، ووجدت شريان حياة في الصين، لكنها وصلت إليها بصورة رسمية في عام 2001 عبر شركة تجارية مقرها شنغهاي وبدأت بتصنيع منتجاتها في البلاد، وتعاونت مع التايوانية “فوكسكون” لتجميع الآيباد وأجهزة “ماك” ثم الآيفون.
توسع مستمر
افتتحت “آبل” أول متجر لها في بكين عام 2008، وسرعان ما تزايد العدد ليصل إلى 50 متجرًا، ومع نمو هوامش الربح زادت خطوط التجميع في الصين، وأصبحت “فوكسكون” تدير أكبر مصنع للآيفون في العالم بمدينة تشنغتشو، وباتت “آبل” رمزًا للتكنولوجيا الغربية المتقدمة في ثاني أكبر اقتصادات العالم.
قاعدة تصنيع رئيسية
ووفقًا لمعظم التقديرات، تبيع “آبل” أكثر من 220 مليون آيفون سنويًا، يصنع 9 من كل عشرة منها في الصين – أكثر الدول تضررًا من التعريفات الأمريكية- وتشحن معظمها إلى أمريكا، رغم وعد الرئيس “ترامب” في حملته الأولى لمؤيديه بأنه سيجبر “آبل” على تصنيع تلك المنتجات في أمريكا، ومع بدء الشركة في تنويع قاعدتها التصنيعية لدول مثل الهند وفيتنام وغيرها.
هل يمكن الانفصال عنها؟
رغم الضغوط الطويلة على “آبل” إلا أن أعمالها لا تزال تعتمد بصورة كبيرة على الصين لدرجة أنها لا تستطيع الاستمرار في العمل بدونها، وأن أي تحرك من قبل إدارة “ترامب” لتغيير ذلك يهدد بإلحاق ضرر بثاني أكبر شركات العالم من حيث القيمة السوقية.
للضغط نتائج عكسية
أعلن “ترامب” في أبريل تعريفات على واردات الصين بنسبة 145%، وهو ما أثر بصورة كبيرة على “آبل”، إذ فقدت 770 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال الأربعة أيام فقط التالية للإعلان، ثم استعادت بعض من تلك الخسائر بعد منح أمريكا مهلة مؤقتة لمصنعي الإلكترونيات الاستهلاكية، وارتفع السهم بعد إعلان هدنة تجارية بين واشنطن وبكين هذا الأسبوع.
المنافسة في خطر
حال عدم التوصل لاتفاق شامل مع الصين، قد تجبر التعريفات الجديدة “آبل” على رفع أسعار جوالاتها وهو ما أشار إليه تقرير نشرته “وول ستريت جورنال” بالفعل، وربما تصبح جوالات منافستها “سامسونج” – المصنوعة في فيتنام وغير الخاضعة لتعريفات صينية – أرخص مقارنة بالآيفون، أي أن “آبل” ستكون أقل قدرة على المنافسة.
هل بإمكان “آبل” الانفصال التام عن الصين ونقل التصنيع لأمريكا؟
| ||
المسؤول
|
|
التوضيح
|
“تيم كوك” المدير التنفيذي لـ “آبل”
|
|
صرح في مقابلة أجريت معه العام الماضي بأنه لا توجد سلسلة توريد في العالم أكثر أهمية بالنسبة للشركة من الصين.
|
“جين مونستر” الشريك الإداري في شركة إدارة الأصول “ديب ووتر”
|
|
يقدر أن الانفصال التام في العلاقات بين واشنطن وبكين سيخفض قيمة “آبل” إلى النصف أو أكثر، وذلك لأن حوالي ثلث مبيعاتها مرتبطة بمنتجات مصنوعة في الصين، حتى لو نقلت بعض الإنتاج لدول أخرى.
وحذر أيضًا من أن صانعة الآيفون قد تهبط قيمتها إلى 1.2 تريليون دولار – مقارنة مع 3.180 تريليون دولار وقت كتابة التقرير – إذا فقدت أيضًا مبيعاتها للعملاء في الصين، كما حدث مع منافستها “سامسونج” بعد نزاع بين حكومتي كوريا الجنوبية والصين.
|
“واين لام” المحلل لدى شركة أبحاث السوق “تك إنسايتس”
|
|
يرى أن وجود العديد من الموظفين والمهندسين ذوي الخبرة سيكون مستحيلاً في معظم المدن الأمريكية ، وأنه حال أنشأت “آبل” عملياتها في أمريكا فستحتاج لرفع سعر الآيفون إلى ألفين دولار بدلاً من حوالي ألف دولار حاليًا من أجل الحفاظ على ربحيتها، ثم قد يهبط بعد ذلك مع تراجع تكاليف تدريب الموظفين وتصنيع المكونات.
|
التصميم أمريكي والتصنيع صيني
“الآيفون صمم في كاليفورنيا وتم تجميعه في الصين” هذه العبارة تمثل الوضع الحالي لكن وسط رغبة إدارة “ترامب” في تصنيع الأجهزة التكنولوجية الرئيسية محليًا، تصبح “آبل” في مأزق بين موطنها الأمريكي، والصين التي تمثل قاعدتها التصنيعية الرئيسية، حتي لو اتفقت الدولتان على حل للتوترات التجارية بينهما سواء باستمرار هدنة التسعين يومًا أو التوصل لاتفاق أكثر شمولاً.
الخلاصة
لذلك رغم اتخاذ “آبل” خطوات تدريجية لتقليل اعتمادها على الصين إلا أن انفصالها التام عن قاعدتها التصنيعية الرئيسية غير محتمل على المدى القريب على الأقل نظرًا للتعقيدات المرتبطة بسلاسل التوريد والعمالة الماهرة والتكاليف وغيرها، وحتى لو تغيرت العبارة وأصبح الجوال مصنع في أي دولة أخرى مثل الهند سيظل يضم مكونات مصنعة في بكين لوقت طويل.
المصادر: أرقام – نيويورك تايمز – كوين ماركت كاب – التلغراف – مجلة “فانيتي فير” – كتاب “آبل في الصين، استقطاب أكبر شركات العالم” – بي بي سي – وول ستريت جورنال
(perform (d, s, id) {
var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0];
if (d.getElementById(id)) return;
js = d.createElement(s); js.id = id; js.async = true;
js.src = “//join.fb.internet/en-US/sdk.js#xfbml=1#xfbml=1&appId=1581064458982007&model=v2.3”;
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);
}(doc, ‘script’, ‘facebook-jssdk’));