– إن المشهد الرقمي الراهن، بما يحفل به من منصات متعددة تتناقل المعلومات – صادقة كانت أم زائفة – قادر على إشعال عاصفة هوجاء من الدعاية السلبية التي يمكن أن تقوض سمعة شركتك أو علامتك التجارية الشخصية.
– قد يتحول خطأ عابر، أو تصريحٌ لم تُحسب عواقبه في لحظات إلى عاصفة إعلامية، يمكن أن تودي بسمعة الشركة والعلامة التجارية نحو الهاوية، وتُنذر بخسائر مالية فادحة.
الوجه المظلم للانتشار المحموم: كيف تبدأ الأزمة؟
– في عالمٍ تتصدر فيه الشائعات عناوين الأخبار وتنتشر المعلومات المضللة بسرعة البرق، يمكن لمقطع مرئي عابر، أو تعليق سلبي أو حتى مراجعة غاضبة على منصة مثل “ريديت” أن تتحول إلى أزمة علاقات عامة شاملة.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
– كما غدت وسائل التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، وإكس (تويتر سابقًا)، وتيك توك، منصاتٍ رحبة لاحتشاد الغضب الجماعي.
– أما منصات التقييم، مثل جوجل ريفيوز، وتريب أدفيسور، وغيرها من المنصات، فقد تحولت اليوم إلى ساحاتٍ تتبارى فيها الآراء والانطباعات، وغالبًا ما تكون مراجعةٌ واحدة سلبية كفيلة بإحداث تصدعٍ عميق في جدار ثقة العملاء وولائهم.
– وتقف قصة شركة “كيلوجز” شاهدًا على ما قد يسببه تصريح غير مدروس؛ فقد أثارت تصريحات رئيسها التنفيذي بشأن إمكانية اعتبار رقائق الذرة وجبة عشاء بديلة، موجةَ سخطٍ عارم على وسائل التواصل، وشُبّهت بتصريحات ماري أنطوانيت التاريخية إبان الثورة الفرنسية.
– ولم يرتقِ رد الشركة إلى مستوى الأزمة، إذ آثرت الصمت المطبق، ليجد الهجوم ضالته ويتفاقم، متحولًا إلى حملة مقاطعة واسعة النطاق، دون أن تُقدم الشركة أي دفاع عن موقفها أو تبرره.
القاعدة الذهبية: بادر بالتحكم في زمام السرد
– في مثل هذه المواقف العصيبة، لا يُعد الصمت خيارًا مُجديًا، بل هو بمثابة استسلامٍ مُبكر؛ لذا يكمن أفضل سبل المواجهة في الهجوم الاستباقي المدروس.
– لا تركن إلى انتظار القصة حتى تتصدر عناوين الأخبار وتُفرض عليك؛ بل سارع إلى صياغة روايتك الخاصة، واضبط نبرتها وأسلوبها بما يخدم موقفك.
– وتبدأ استراتيجية الرد الموفق بخطابٍ يتسم بالصدق، والمسؤولية، يليه توضيحٌ وافٍ يتسم بالتفصيل والاتزان.
– ولتحقيق ذلك، استعن بأدوات مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي الدقيقة، فهي أذنك الصاغية لرصد المحادثات الدائرة، وتحليل بوصلة الرأي العام واتجاهاته.
المراقبة والاستماع الاجتماعي: عيناك وأذناك في قلب الأزمة!
– تتجاوز المراقبة الاجتماعية مجرد الرد على الشكاوى الفردية، فهي أداة استباقية لفهم المزاج العام واستشعار نبض العملاء وميولهم.
– وباستخدام الأدوات المتقدمة في هذا المجال، يصبح بوسعك تتبع أي إشارة ترد فيها اسم علامتك التجارية أو أحد منتجاتك، مما يتيح لك التحرك بفاعلية قبل أن تستفحل الأمور وتتفاقم الأزمة.
– أما الاستماع الاجتماعي، فهو أكثر عمقًا؛ إنه يعني تحليل المشاعر الكامنة خلف التعليقات والمراجعات، ورصد الأنماط المتكررة، واستكشاف الأسئلة التي تطرح مرارًا، وتحديد الثغرات التشغيلية التي قد تُفضي إلى استياء العملاء وتذمرهم.
– وبطبيعة الحال، تُمكّنك البيانات المستقاة من هذا الاستماع من تحسين الخدمات المقدمة، وتقديم حلول ناجعة قبل وقوع الضرر فعليًا وتفاقم تبعاته.
التعامل الذكي مع المراجعات الناقدة
– لا سبيل إلى تجاهل القوة المتنامية للمراجعات المنشورة عبر الإنترنت. وتشير الدراسات إلى أن مجرد تحسين التقييم بنجمة واحدة على منصة مثل “Yelp” قد يُسهم في زيادة الإيرادات بنسبة تتراوح بين 5% و9%.
– في المقابل، فإن التغاضي عن المراجعات السلبية، أو الرد عليها بأسلوبٍ هجومي قاسٍ، قد يجلب عواقب وخيمة ونتائج كارثية لا يُحمد عقباها.
ما النهج الأمثل إذن؟
– إنه مزيج من الشفافية، والسرعة في الاستجابة، والتحلي بالتعاطف الإنساني. واظب على مراقبة منصات التقييم بصفة مستمرة، وبادر بالرد على كل تعليق، إيجابيًا كان أو سلبيًا.
– اعترف بالأخطاء بشجاعة إن ثبت وقوعها، وصحح المعلومات المغلوطة بوضوح، وقدم حلولًا عملية وملموسة للمشاكل المطروحة. تحدث بلسانٍ بشري يُدرك المشاعر، لا بلغة الشركات الجامدة التي تخلو من الروح.
– وفي حال صادفت مراجعةً كاذبة تفتقر إلى المصداقية، فاستغل سياسات المنصة المعنية لطلب إزالتها. ولكن لا تكتفِ بردود الأفعال فحسب: شجّع عملاءك السعداء على مشاركة تجاربهم الإيجابية ونشرها، فذلك يعزز التوازن في السرد العام لعلامتك التجارية، ويُقدم صورة أكثر اكتمالًا وإنصافًا.
صناعة الدعاية الإيجابية: اجعل قصتك هي النبأ المتصدر!
– إذا كانت الأخبار السلبية قد سبقتك بخطوة واحتلت الصدارة، فكن أنت المبادر بصناعة الخبر التالي الذي يُغير دفة السرد.
– انشر محتوى إيجابيًا بانتظام ودأب – سواء كان ذلك عبر مقالات رأي معمقة، أو مدونات جذابة، أو بيانات صحفية واضحة، أو قصص نجاح لعملائك تسلط الضوء على القيمة التي تقدمها.
– ركّز جهودك على إبراز القيم الجوهرية التي تُشكل هوية علامتك التجارية: من الشفافية المطلقة، إلى الجودة الفائقة، مرورًا بالمسؤولية الاجتماعية الراسخة، ووصولًا إلى الابتكار المستمر.
– ولا تنس تحسين هذا المحتوى لمحركات البحث (SEO)، فكلما كانت نتائج البحث الأولى مشغولة بالمحتوى الإيجابي الذي تقدمه، تضاءلت فرص ظهور المحتوى السلبي في الواجهة أمام الباحثين.
– قد تكون هذه العملية بطيئة وتحتاج إلى نفس طويل، لكنها فعالة للغاية على المدى الطويل في تحصين سمعتك وبناء جسور الثقة مع جمهورك.
خلاصة القول: لا تنتظر قدوم العاصفة، بل كن لها على أتم الاستعداد!
– لم تعد إدارة الأزمات في العصر الرقمي مجرد ترفٍ أو خيارٍ إضافي، بل أصبحت ضرورةً وجودية تفرضها طبيعة المشهد المتغير باستمرار.
– والشاهد هنا أن العلامات التجارية التي تنجح في تجاوز الأزمات والعبور إلى بر الأمان ليست بالضرورة تلك التي لا تُخطئ أبدًا، بل هي التي تُدرك كيف ترد بحكمة وروية عندما تقع في الخطأ، وتتعلم من تجاربها، وتُتقن فن بناء سردها الخاص بذكاءٍ شفافيةٍ بالغة.
– ضع لنفسك نظامًا مرنًا وسريع الاستجابة للتعامل مع الأزمات فور نشوئها، واستثمر بحكمة في أدوات المراقبة والاستماع التي تُبقيك على اطلاع دائم بما يُقال عنك، وعليك احتراف فن الرد الإنساني المُتعاطف على المراجعات والتعليقات، وكن سبّاقًا ومبادرًا في خلق محتوى يُجسد حقيقة علامتك ويُبرز قيمها الإيجابية.
– فسمعة الشركة في هذا العصر تُبنى بقرارٍ صائبٍ واحد، وقد تُهدم بتغريدةٍ واحدةٍ طائشة؛ لذا كن دائمًا على أهبة الاستعداد.
المصدر: إنتربرينير
(function (d, s, id) {
var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0];
if (d.getElementById(id)) return;
js = d.createElement(s); js.id = id; js.async = true;
js.src = “//connect.facebook.net/en-US/sdk.js#xfbml=1#xfbml=1&appId=1581064458982007&version=v2.3”;
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);
}(document, ‘script’, ‘facebook-jssdk’));