والجولة التي عُقدت جاءت استكمالًا لمسار غير منتظم من اللقاءات التي لم تحقق نتائج دبلوماسية جوهرية حتى الآن، على الرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات على اندلاع الحرب.
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال زيارته العاصمة الليتوانية «فيلنيوس»، أن الطرفين تبادلا وثائق عبر وساطة تركية، مشيرًا إلى التحضير لإطلاق دفعة جديدة من أسرى الحرب. وكان آخر تبادل كبير للأسرى قد تم عقب لقاء سابق، عُقد منتصف مايو، وأسفر عن تبادل ألف أسير بين الجانبين.
تصعيد ميداني
تزامنت المحادثات مع تطورات ميدانية متسارعة، أبرزها هجمات أوكرانية استهدفت قواعد جوية روسية بعيدة، وقالت كييف إنها ألحقت أضرارًا كبيرة بالقوة الجوية الروسية، خاصة أسطول القاذفات الإستراتيجية. وصرّح رئيس جهاز الأمن الأوكراني بأن تنفيذ هذه العملية تطلّب ما يقارب 18 شهرًا من الإعداد، ووصفها بأنها «غير مسبوقة» من حيث النطاق والتنسيق.
وعلى الرغم من أن الجانب الروسي لم يُدلِ بتفاصيل موسعة، فإن وزارة الدفاع الروسية أعلنت في المقابل إسقاط 162 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال ليلة واحدة، بينها ما وقع فوق شبه جزيرة القرم ومناطق روسية أخرى، مؤكدة استمرار التصدي لمحاولات أوكرانية لاختراق المجال الجوي الروسي.
من جهتها، قالت القوات الجوية الأوكرانية إن الدفاعات الأرضية تمكّنت من إسقاط 52 طائرة، من أصل 80، أطلقتها موسكو في هجوم واسع، اعتبرته كييف الأكبر منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022.
فجوة مستمرة
على الرغم من استئناف اللقاءات، لا تزال المواقف متباعدة بشأن وقف إطلاق النار. ففي حين تبدي أوكرانيا انفتاحًا على مقترحات التهدئة، يواصل الكرملين التمسك بخطوطه الحمراء دون إبداء مرونة واضحة. وقد سلّمت كييف خلال المحادثات قائمة بأسماء أطفال تقول إنهم رُحّلوا قسرًا من أراضيها، مطالبة بإعادتهم، وهو ملف لا يزال مثار جدل بين الطرفين.
وفي ظل غياب أي تقدم سياسي، تتواصل العمليات العسكرية على الأرض، حيث أفادت السلطات الأوكرانية بتعرض مناطق، مثل خيرسون وزابوريزهيا، لقصف روسي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، بينهم أطفال، بينما تشير موسكو إلى استمرار العمليات ضد أهداف، قالت إنها عسكرية، في العمق الأوكراني.
مواقف دولية
دوليًا، تتعالى التحذيرات من استمرار النزاع دون أفق سياسي واضح. وأشار معهد دراسة الحرب، ومقره واشنطن، إلى أن روسيا ربما تسعى إلى إطالة أمد الحرب، لتعزيز موقفها الميداني، بينما عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن استيائه من التصعيد، وذلك في تصريحات قال فيها إن الكرملين «يفقد السيطرة».
اقتصاديًا، انعكست حالة التوتر على الأسواق الآسيوية التي شهدت انخفاضًا في المؤشرات، بينما ارتفعت أسعار النفط في ظل مخاوف من اتساع رقعة النزاع وتداعياته على الإمدادات.
ثغرات دفاعية
يرى محللون عسكريون أن الهجمات الأوكرانية الأخيرة تمثل تصعيدًا لافتًا في طبيعتها ونطاقها، وتكشف عن ثغرات في بنية الدفاع الروسية، ولا سيما فيما يتعلق بحماية القواعد الجوية. واعتبر باحثون غربيون أن الضربات الأخيرة قد تغيّر من الحسابات الإستراتيجية على المدى البعيد، حتى وإن لم تنعكس فورًا على طاولة المفاوضات.
وعلى الرغم من عدم إحراز تقدم ملموس في جولة إسطنبول، فإن استمرار المحادثات يشير إلى وجود قنوات اتصال باقية، قد تمهّد في مرحلة لاحقة لأرضية تفاهم إذا ما توافرت الإرادة السياسية والضغوط الدولية الكافية.
• بداية الحرب (2022):
• روسيا تقدّمت بسرعة وسيطرت على مناطق واسعة.
• أوكرانيا في موقع دفاعي، وتعتمد كليًا على الدعم الغربي.
• المحادثات متوقفة، والثقة معدومة بين الجانبين.
• المجتمع الدولي يفرض عقوبات واسعة على موسكو.
• الوضع الحالي (2025):
• أوكرانيا تنفذ هجمات نوعية داخل العمق الروسي.
• روسيا تستمر في الهجمات، وتعيد نشر قواتها.
• جولات محادثات مباشرة تُستأنف دون اختراقات ملموسة.
• الدعم الغربي مستمر لكن بزخم سياسي أقل.
• الحرب دخلت مرحلة استنزاف طويلة ومعقدة.