“موتايناي” مصطلح شهير في المجتمع الياباني يعني “يا له من إهدار” يشير إلى الأشياء التي لا تستغل بكامل طاقتها، للحث على عدم الهدر وإعادة الاستخدام والتدوير، سواء مياه غسل اليدين أو حتى في المطبخ التقليدي والمطاعم الفاخرة بما يضمن عدم هدر الطعام عبر طلب كميات كافية بدقة، في علامة على الاستهلاك الواعي في الحياة اليومية.
تحديات رئيسية
تشكل مساحة اليابان الصغيرة وتضاريسها الجبلية تحديات أمام تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، إذ تستورد ما يقرب من ثلثي غذائها وثلاثة أرباع علف مواشيها، ورغم ذلك تهدر الدولة ملايين الأطنان من الغذاء سنويًا، معظمه صالح للأكل، ويشكل الغذاء حوالي 40% من النفايات التي تحرقها اليابان.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
الحد من الهدر
لكن في العام المالي 2022، انخفض هدر الطعام المقدر في اليابان على أساس سنوي بمقدار 510 آلاف طن ليصل إجماليه إلى 4.72 مليون طن (ما يعادل 38 كيلوجرامًا سنويًا للفرد) محققًا هدف الحكومة المتمثل في الحد من الهدر إلى مستوى 4.89 مليون طن قبل ثماني سنوات من الموعد المحدد الوصول إليه في 2030.
الهدر المنزلي
مقارنة مع مستوى العام المالي 2000 البالغ 9.8 مليون طن، لكن هدر الطعام المنزلي لا يزال أعلى من المستهدف البالغ 2.16 مليون طن، وهو ما سبب خسارة اقتصادية في 2022 تقدر بحوالي 40 تريليون ين (277 مليار دولار)، و10.46 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
فروقات مجتمعية
أظهرت ورقة بحثية عن فريق في جامعة “ريتسوميكان” أن أعلى مستويات للهدر لوحظت لمن تبلغ أعمارهم 70 عامًا أو أكثر، مقارنة بالفئة الأصغر سنًا (29 عامًا أو أقل) التي تميل لتناول الطعام خارج المنزل، بينما يميل كبار السن لشراء المزيد من الأطعمة القابلة للتلف.
اختلاف في طريقة الهدر
كما أن أسباب الهدر تختلف بين الأجيال، فمثلاً كبار السن يهدرون الطعام في الغالب عن طريق إزالة الكثير من الأجزاء الصالحة للأكل عند الطهي، أما الشباب فيهدرون الطعام بطريقة مختلفة من خلال ترك بقايا الطعام من الوجبات المطبوخة.
التصدي للمشكلة
تتصدى اليابان لمشكلة هدر الطعام من خلال استراتيجية وطنية شاملة تتضمن التوعية العامة والابتكار التكنولوجي بما يشمل الذكاء الاصطناعي، ومبادرات منها إعادة تدوير مخلفات الطعام وتحويلها لأسمدة وأعلاف، وتقديم حوافز للعاملين بسلسلة توريد الغذاء ودعم أنشطة بنوك الطعام.
كيف تواجه اليابان مشكلة هدر الطعام؟
|
||
الطريقة
|
|
التوضيح
|
تخفيف متاجر التجزئة للقواعد المتبعة
|
|
من أسباب هدر الطعام في اليابان اتباع قطاع التجزئة قاعدة الثلث، حيث لا تقبل الطلبات في حال تجاوزت ثلث المدة المقدرة بين تاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية، على سبيل المثال، إذا كانت مدة صلاحية منتج غذائي ما ستة أشهر من تصنيعه، فيجب على الشركة المصنعة تسليمه لمتجر البيع بالتجزئة خلال شهرين على أقصى تقدير، وإلا على المصنعين التخلص منه.
ولهذا المعيار تأثير كبير على كمية الطعام المفقودة في البلاد الذي يهدر قبل أن يصل حتى إلى رفوف المتاجر، وليتضح الأمر يقارن هذا المعيار بالنصف في أمريكا والثلثين لدى غالبية الشركات الأوروبية، ما يدل على المعايير العالية التي تشهدها اليابان.
لذلك من أجل الحد من هدر الغذاء بدأت المتاجر في اليابان في تخفيف تلك القواعد.
|
مبادرة “تيمايدوري”
|
|
كما تبذل المتاجر جهودًا أخرى للحد من هدر الطعام المرتبط بأعمالها التجارية منها مبادرة “تيمايدوري” أو (خذ منتجًا من الأمام) التي تتضمن وضع المنتجات التي شارفت على انتهاء صلاحيتها في مقدمة الرفوف لتشجيع المتسوقين على شرائها.
|
كوارداشي
|
|
الشركة اليابانية التي تساعد على الحد من هدر الطعام من خلال شحن أصناف قد تتخلص منها محلات السوبر ماركت والبقالة رغم صلاحيتها للاستهلاك بسبب عيوب في التغليف أو أخطاء في الطباعة على عبواتها.
|
تطبيقات أخرى
|
|
منها “تابيت” الذي يربط المستخدمين بالمتاجر والمطاعم القريبة التي تقدم أطعمة شهية لا تزال صالحة للأكل، لكن لم يعد من الممكن بيعها في المتاجر.
|
سياسات عامة
|
|
تعمل السياسات العامة للدولة على حملات توعية عامة والجهود التثقيفية في المدارس والمجتمعات المحلية لتعزيز مشاركة المستهلكين، وتتخذ الحكومات المحلية أيضًا خطوات استباقية، وتوفر إحدى الاستراتيجيات منصة رقمية تتيح لسكان المحافظة مشاركة الأفكار والوصفات وتعلمها لمساعدة الأسر على الحد من هدر الطعام.
إلى جانب مشاركة مقاطع فيديو تعليمية تظهر شخصيات كرتونية تعلم الأطفال طرقًا بسيطة وسهلة لمنع هدر الطعام.
|
الذكاء الاصطناعي
|
|
في نوفمبر 2024، تعاونت شركة بيع منتجات السوبر ماركت عبر الإنترنت “أيون نيكست” مع “كوارشي أبلاينسس” التابعة لـ “باناسونيك” لإطلاق مشروع تجريبي للحد من هدر الطعام المنسي أو منتهي الصلاحية مع تقييم إمكانات الأجهزة الذكية في الحد من هدر الطعام.
تتميز الثلاجات الذكية بكاميرات مدعومة بالذكاء الاصطناعي وتطبيقات جوال مخصصة لتقييم المكونات الطازجة وتحديد المنتجات التي يقترب موعد انتهاء صلاحيتها، ثم يقدم التطبيق المرتبط بها أفكارًا لوجبات تشجع على استخدام هذه المنتجات قبل انتهاء صلاحية استخدامها.
|
مشكلة عالمية
حسب تقرير مؤشر هدر الغذاء لعام 2024 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، تم إهدار حوالي 1.05 مليار طن من الغذاء في 102 دولة عام 2022، وأن هدر الغذاء يمثل ما بين 8% و10% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري السنوية.
الخلاصة
من المتوقع استمرار ارتفاع أسعار الغذاء العالمية بسبب تغير المناخ وعدم الاستقرار الجيوسياسي، ورغم ذلك لا تزال الكميات التي تهدر من الطعام كبيرة، لذا أصبحت جهود الحد من هذا الهدر أولوية عالمية ليس فقط من أجل تخفيف الأعباء المالي على الأسر، ولكن للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فهل هناك أفكار أخرى يمكن اتباعها بخلاف ما تنتهجها اليابان؟
المصادر: موقع وزارة الزراعة والغابات ومصايد الأسماك اليابانية – موقع المنظمة الوطنية للسياحة في اليابان – المنتدى الاقتصادي العالمي – بي بي سي – موقع “طوكيو ويكندر”
(operate (d, s, id) {
var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0];
if (d.getElementById(id)) return;
js = d.createElement(s); js.id = id; js.async = true;
js.src = “//join.fb.internet/en-US/sdk.js#xfbml=1#xfbml=1&appId=1581064458982007&model=v2.3”;
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);
}(doc, ‘script’, ‘facebook-jssdk’));