– تُوشك ثورة الذكاء الاصطناعي أن تعيد رسم معالم القطاعات الاقتصادية حول العالم، ولا يبدو أن القطاع المالي سيكون بمنأى عن هذا الزلزال التقني.
– فبحسب تقديرات حديثة، يُتوقع أن تُضيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي ما يقارب 13 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030، في مشهد يَعِد بتسارع غير مسبوق في الإنتاجية وانخفاضٍ كبير في التكاليف.
– ومع أن المؤسسات المالية بدأت بالفعل تُسرّع خطواتها نحو تبنّي الذكاء الاصطناعي، فإن التحديات لا تزال قائمة، بدءًا من ضعف الجاهزية التقنية، ووصولاً إلى الحاجة إلى إعادة تأهيل الكوادر البشرية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
المؤسسات المالية تتسابق نحو الذكاء الاصطناعي
– تشير التطورات الأخيرة إلى أن المؤسسات المالية بدأت بالفعل في إعادة توجيه بوصلتها نحو الذكاء الاصطناعي، مستخدمةً إياه لتسريع العمليات، وتعزيز التنبؤات، ورفع مستوى العلاقة مع العملاء.
– وقد أصبحت هذه الأدوات حاضرة وبقوة في قلب النظام المالي العالمي؛ بدءًا من الكشف عن عمليات الاحتيال في الوقت الفعلي، إلى التداول الذكي في الأسواق.
– إلا أن هذا التوجّه لا يخلو من عقبات تعيق الانتقال السلس نحو تبنّي الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.
عقبات تبني الذكاء الاصطناعي
– كشفت دراسة حديثة لشركة “ديجيتال ريالتي” عن مفارقة لافتة: أكثر من ثلث مسؤولي تكنولوجيا المعلومات في كبرى المؤسسات المالية البريطانية يعترفون بعدم الجاهزية لتكامل الذكاء الاصطناعي ضمن بنية أعمالهم.
– والوضع لا يبدو أكثر إشراقًا في دول أوروبية أخرى، إذ تسجّل أيرلندا نسبة 27% من القادة الذين لا يشعرون بالاستعداد، تليها ألمانيا بنسبة 18%، وهولندا بنسبة 23%.
– وتؤكد هذه الأرقام أن التحدي ليس محليًا بل عالميًا، ما يستدعي تحركات استراتيجية لإغلاق هذه الفجوة التقنية المتزايدة.
بصمات الذكاء الاصطناعي: من الحاضر إلى المستقبل في القطاع المالي
– أصبحت بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي مكوّنًا أساسيًا في المنظومة المالية الحالية، بدءًا من المراقبة الأمنية واكتشاف الاحتيال، وصولًا إلى الأتمتة الذكية في تداول الأسهم.
– لكن ما تُخطط له المؤسسات المالية اليوم يتجاوز المهام النمطية؛ إذ تسعى إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات التنبؤية، وتصميم حلول استثمارية مخصصة، وأتمتة المعاملات المعقدة التي تتطلب عادة تدخلًا بشريًا عالي المستوى.
– والشاهد هنا أن التحول القادم لن يكون مجرد تطوير أدوات، بل إعادة تشكيل كاملة لنموذج العمل المالي، حيث تصبح العلاقة بين العميل والمؤسسة أكثر ذكاءً واستجابةً، وربما أكثر إنصافًا.
أهمَّ 5 خطوات للاستعداد لمواكبةِ الانتشارِ المتسارعِ للذكاء الاصطناعي
|
||
أولاً: مراجعة العمليات واختيار ما يجب أتمتته
|
|
– قبل الانخراط في سباق الذكاء الاصطناعي، من الضروري أن تبدأ المؤسسات بمراجعة شاملة لعملياتها التشغيلية؛ لتحديد أي منها يمكن أتمتته لتحرير وقت الموظفين للتركيز على مهام ذات قيمة أعلى.
– ومن المهم إجراء مناقشات مع القوى العاملة لتحديد العمليات الروتينية والمملة، وتلك التي يمكن تنفيذها باستخدام الأساليب الآلية.
– ففي قطاع الخدمات المالية، باتت حلول الذكاء الاصطناعي قادرة على تحقيق خدمات عملاء فائقة التخصيص، وتحسين نماذج تقييم المخاطر، وتسريع معالجة المعاملات اليومية.
– ويتعين على الشركات في هذا القطاع مواصلة التقييم المتكرر لعملياتها لضمان تطبيق الذكاء الاصطناعي على النحو الأمثل لتحقيق أقصى قدر من كفاءة العمليات في جميع أنحاء المؤسسة.
|
ثانيًا: إشراك الكوادر البشرية وتثقيفها
|
|
– من المعروف أن التحول الرقمي لا ينجح بدون العنصر البشري؛ ورغم القلق المتصاعد بين الموظفين من فقدان وظائفهم لصالح الأنظمة المؤتمتة، فإن إدماجهم في مراحل تخطيط تقنيات الذكاء الاصطناعي وتنفيذها من شأنه أن يبدد هذه المخاوف.
– يجب أن يُنظر للذكاء الاصطناعي في بيئات العمل المالية، كأداة مساعدة، تعفي الموظفين من المهام الرتيبة، وتتيح لهم التركيز على أعمال أكثر قيمة مثل تحليل البيانات المعقّدة أو التفاعل الإنساني مع العملاء.
– ومن المهم غرس ثقافة تعاونية تعزز العلاقة بين الإنسان والآلة، ضمانًا لقبول التغيير ومُضيه قدمًا.
|
ثالثًا: تطويرُ البنيةِ الأساسية
|
|
– يتطلب أي استخدام فعّال للذكاء الاصطناعي معالجة كميات ضخمة من البيانات.
– وهنا تبرز الحاجة إلى بنية أساسية تقنية قوية، قادرة على الاستجابة للزخم المتزايد من المعاملات والمعطيات.
– ولا يخفى على أحد أن الشركات ذات البنية القديمة تواجه تحديات مالية وفنية في التحديث، لكن قد يشكّل خيار التعاون مع مزودي خدمات سحابية ومراكز بيانات متخصصة الحل الأمثل.
– ولا تقتصر الميزة هنا على الأداء، بل تشمل أيضًا خفض تكاليف التشغيل، وقابلية التوسع اللامحدودة، وتعزيز معايير الأمان، وتوفير منصات تحليل مركزية تسرّع عمليات اتخاذ القرار.
|
رابعًا: تبنّي رؤية استراتيجية متكاملة للذكاء الاصطناعي
|
|
– إن تطبيق الذكاء الاصطناعي ليس قرارًا تقنيًا فحسب، بل خطوة استراتيجية يجب أن تُبنى على رؤية واضحة المعالم.
– وهنا يتعيّن على المؤسسات المالية أن تضع خارطة طريق تشمل مراحل النشر، وآليات الرقابة، وتفاعل أصحاب المصلحة، وخاصة العملاء.
– كما يجب أن تُترجم رؤية الذكاء الاصطناعي إلى أهداف قابلة للقياس، مثل: تقليل نسب الاحتيال، وتحسين دقة الخدمات، وتسريع معالجة المعاملات، وذلك ضمن بيئة آمنة وممتثلة للتنظيمات المالية المعقّدة.
|
خامسًا: التعلّم من التجارب… والنظر خارج حدود القطاع
|
|
– تشكّل التجارب السابقة، سواء الناجحة أو المتعثرة، كنزًا معرفيًا لا ينبغي تجاهله.
– لذا يتعين على المؤسسات المالية أن تنظر إلى استراتيجيات الشركات الرائدة، لا داخل القطاع فقط، بل حتى خارجه.
– فالذكاء الاصطناعي ليس محصورًا بتطبيقات محددة، لكنه يتطلب وعيًا بمخاطره المحتملة، مثل التحيز في الخوارزميات أو سوء استخدام البيانات.
– من هنا، فإن استيعاب دروس الآخرين وتفادي تكرار أخطائهم هو جزء لا يتجزأ من الاستعداد الناجح.
|
حوسبة ذكية… لأداء مالي أفضل
– بينما يزداد تعقيد المشهد المالي العالمي، تصبح القدرة على التكيّف مع الذكاء الاصطناعي ضرورة وجودية لا رفاهية.
– ومع بروز الحوسبة السحابية كرافعة محورية لهذا التحول، تبرز أهمية الشراكات التقنية التي تتيح بنية أساسية مرنة، تربط البيانات وتعالجها بسرعة وكفاءة.
– لا يُعدّ الذكاء الاصطناعي نهاية لدور الإنسان، بل بداية لحقبة جديدة من التفاعل الذكي، حيث تُصبح المؤسسات المالية أكثر سرعة، ودقة، وقدرة على استباق التغيرات.
المصدر: وورلد فاينانس
(function (d, s, id) {
var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0];
if (d.getElementById(id)) return;
js = d.createElement(s); js.id = id; js.async = true;
js.src = “//connect.facebook.net/en-US/sdk.js#xfbml=1#xfbml=1&appId=1581064458982007&version=v2.3”;
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);
}(document, ‘script’, ‘facebook-jssdk’));