– تمثل مخاطر رأس المال عاملاً حاسمًا في تقييم صلابة المركز المالي للمؤسسات المالية، سواء كانت بنوكًا إقليمية متوسطة الحجم أم عمالقة الاستثمار، إذ تشكّل ركيزة أساسية لاستدامة أعمالها ونموها.
– وتعكس هذه المخاطر احتمال تعرُّض البنك لخسائر فادحة قد تقوِّض قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه عملائه من المودعين.
– ورغم الأهمية البالغة لرأس المال كدرع واقٍ، إلا أن الأحداث المزلزلة، كالأزمة المالية العالمية لعام 2008 أو انهيار بنك وادي السيليكون، تكشف عن هشاشة آليات إدارة هذه المخاطر في مواجهة العواصف الاقتصادية.
ما هي مخاطر رأس المال؟
تُعبر مخاطر رأس المال عن قدرة المصرف على تحمل الخسائر الناشئة عن تقلبات الأوضاع الاقتصادية غير المتوقعة.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
يستند استقرار المصرف إلى وجود رأسمال وافٍ يمتص الصدمات الاقتصادية، مع ضمان قدرته على سداد الودائع.
ولكن ماذا لو أقدم عدد كبير من المودعين على سحب ودائعهم دفعة واحدة؟
يُعرف هذا السيناريو بـ “هروب الودائع”، وهو أمر كارثي قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المصارف، لا سيما تلك التي تعتمد على استثمارات عالية المخاطر.
|
أنواع المخاطر الرئيسية لرأس المال
|
|
|
مخاطر الائتمان
|
– تكمن مخاطر الائتمان في احتمال تعثر المقترضين عن سداد التزاماتهم المالية.
– وتمثل هذه المخاطر أحد أكبر التحديات التي تواجه المؤسسات المصرفية، ذلك أن منح القروض للمقترضين يشكل العمود الفقري لأنشطتها التمويلية.
|
|
مخاطر السوق
|
– ترتبط مخاطر السوق ارتباطًا وثيقًا بتقلبات أسعار الفائدة، سواء كانت محلية أم أجنبية، فضلًا عن تقلبات أسعار السلع والأسهم.
– ونظرًا لصعوبة التنبؤ بحركة العرض والطلب في الأسواق، فإن إدارة هذه المخاطر تعتبر أمرًا حاسمًا للحد من المخاطر الكلية.
|
|
المخاطر التشغيلية
|
– تُعَد المخاطر التشغيلية نتاجًا لأفعال احتيالية، وقضايا متعلقة بالموارد البشرية، وعيوب أنظمة، وخللا في العمليات، وأضرارا مادية، وغيرها.
– وهنا لا بد من وجود أنظمة رقابية صارمة، وإجراءات عمل دقيقة، وتدريب عالي المستوى، وحماية أمنية شاملة، لمواجهة المخاطر التشغيلية، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه التدابير الاحترازية لن تقضي على هذا الخطر بشكل كامل.
|
دور متطلبات رأس المال في إدارة المخاطر
– وفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث الكونجرس الأمريكي، فإن متطلبات رأس المال تمثل حجر الزاوية في ضمان سلامة واستقرار عمل البنوك، فكيف يتم ذلك؟
– يكمن الجواب في قدرة رأس المال على امتصاص الصدمات التي قد يتعرض لها البنك نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، مثل الأزمات وفترات الكساد، والتي قد تؤدي إلى تآكل قيمة أصوله.
– علاوة على ذلك، يساهم رأس المال في الحفاظ على السيولة اللازمة لتغطية الخسائر المحتملة وتعزيز ثقة العملاء بالمؤسسة المصرفية.
– تفرض الجهات التنظيمية، مثل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، حدًا أدنى لنسبة رأس المال التي يجب أن يحافظ عليها البنك تصل إلى 4.5%.
– والهدف من ذلك هو منع البنوك من المخاطرة بكل رأس مالها في استثمارات عالية المخاطر قد تؤدي إلى الإفلاس.
– وبالتالي، فإن متطلبات رأس المال تضمن قدرة البنوك على توفير السيولة اللازمة لتغطية أي خسائر فورية.
– تطبق متطلبات رأس المال بشكل خاص على البنوك الكبيرة التي تتجاوز أصولها 100 مليار دولار. ويرجع ذلك إلى التأثير الكبير الذي قد يترتب على فشل هذه البنوك على استقرار النظام المالي بأكمله.
مخاطر الائتمان المصرفي مقابل مخاطر رأس المال المصرفي
– تتمثل مخاطر الائتمان المصرفي في احتمال تقاعس المقترضون عن سداد التزاماتهم المالية، مما يعرض البنك لخسارة محتملة.
– ووفقًا لمكتب مراقب العملة، فإن هذه المخاطر تتولد عن أي عملية مصرفية تنطوي على تمديد أو استثمار الأموال، سواء بشكل صريح أو ضمني، مما يعرضها لخطر عدم السداد.
– وتتجاوز مخاطر رأس المال نطاق مخاطر الائتمان، حيث تشمل مجموعة أوسع من المخاطر التي قد يتعرض لها البنك، وإن كانت تتداخل معها في جوانب عديدة.
|
استراتيجية شاملة لإدارة مخاطر رأس المال في القطاع المصرفي
|
||
|
1- أهمية الابتكار التكنولوجي في إدارة المخاطر
|
|
– تُثري الاستعانة بأنظمة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي العمل المصرفي بمجموعة من المزايا الجمة، من أبرزها:
– تحليل بيانات العملاء بدقة: تعميق فهم السلوك المالي للعملاء، مما يُسهم في تقييم أدق لملاءتهم الائتمانية وتقليص مخاطر التَّعثر الائتماني.
– النمذجة التنبؤية: بناء نماذج تنبؤية قادرة على استشراف الأزمات المحتملة استجابة للتحولات الاقتصادية العالمية.
– الأتمتة: تُسهم هذه التقنيات في أتمتة العمليات المصرفية، مما يؤدي إلى تقليص الأخطاء الناتجة عن العامل البشري ورفع كفاءة الأداء.
|
|
2- التوسع في الشراكات الاستراتيجية
|
|
– يمكن للمؤسسات المصرفية أن تخفف من حدة المخاطر التي تهدد رؤوس أموالها عبر إبرام شراكات استراتيجية مع شركات التأمين والجهات الاستثمارية المؤسسية.
– تسهم هذه الشراكات في تقاسم الأعباء الناجمة عن المخاطر المرتبطة بالإقراض والاستثمارات، وتوفير غطاء تأميني لحماية استثمارات البنك من الخسائر غير المتوقعة، فضلاً عن توفير أدوات استثمارية متنوعة تسهم في تنويع المحفظة المالية.
|
|
3- بناء ثقافة إدارة المخاطر
|
|
– لا يخفى على أحد أن البنوك التي تغرس ثقافة استشرافية للمخاطر تكون أقدر على التصدي للأزمات المتوقعة وغير المتوقعة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الخطوات التالية:
– التدريب المستمر: ويتأتى ذلك من خلال توفير برامج تدريبية مستمرة لموظفيها لتمكينهم من التعامل بفاعلية مع الأزمات والتغيرات المتسارعة في الأسواق.
– تعزيز الشفافية: يجب تعزيز الشفافية في عملياتها المالية، وتبني سياسات واضحة للإفصاح عن كافة المعلومات المالية والمخاطر المحتملة.
– الاستماع إلى أصحاب المصلحة: من الأهمية بمكان الاستماع إلى آراء المودعين والمستثمرين وإشراكهم في وضع استراتيجيات إدارة المخاطر، مما يعزز الثقة في المؤسسة ويزيد من قدرتها على الصمود.
|
|
4- تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الاستقرار المالي
|
|
– يمكن للمؤسسات المصرفية أن تخفف من حدة “هروب الودائع” والذعر المالي من خلال تبني برامج توعوية شاملة، تبيّن أهمية الالتزام بأصول مصرفية سليمة.
– وتسهم هذه البرامج في تعزيز ثقة العملاء بالنظام المصرفي، وتقلل من الاعتماد على السحوبات المفاجئة للأموال في أوقات الأزمات.
|
|
5- الاستفادة من التجارب السابقة
|
|
– تُعد الأزمات المالية العالمية، ومنها أزمة 2008 وأزمة وادي السيليكون، نماذج حية للتحديات التي تواجه القطاع المصرفي وتستدعي منه استخلاص العبر.
– من أبرز الدروس المستفادة أهمية الاحتفاظ بمحافظ كافية من السيولة النقدية لمواجهة الصدمات المفاجئة.
– كما يتعين على البنوك تعزيز الرقابة على استثماراتها، لا سيما تلك المرتبطة بالأصول عالية المخاطر.
– علاوة على ذلك، يجب على البنوك إتقان فن إدارة الأزمات والشائعات، خاصة وأن وسائل الإعلام تلعب دورًا محوريًا في تضخيمها، مما يجعل الحفاظ على السمعة هدفًا استراتيجيًا.
|
الطريق نحو مصارف أكثر أمانًا واستدامة
– تمثل مخاطر رأس المال تحديًا أزليًّا، إلا أنها ليست عقبةً مستعصية على الحل. فمن خلال تسخير التكنولوجيا وإقامة شراكات استراتيجية وبناء ثقافةٍ مؤسسيةٍ تتسم بالوعي بالمخاطر، تستطيع البنوك تحقيق التوازن المطلوب بين النمو والاستقرار.
– والأهم من ذلك، أن تظل هذه المؤسسات مرنةً ومبدعةً في مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية، مما يضمن لها دورها المحوري في دعم الاقتصاديْن المحلي والعالمي.
المصدر: بانكرز هب
(function (d, s, id) {
var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0];
if (d.getElementById(id)) return;
js = d.createElement(s); js.id = id; js.async = true;
js.src = “//connect.facebook.net/en-US/sdk.js#xfbml=1#xfbml=1&appId=1581064458982007&version=v2.3”;
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);
}(document, ‘script’, ‘facebook-jssdk’));